5 min (1403 words) Read

أندرياس أدريانو يقدم لمحة عن شخصية أوغستن كارستنز، وزير مالية، ورئيس بنك التسويات الدولية، ومسؤول بنك مركزي بعقلية الشركات البادئة

 

عندما كان أوغستن كارستنز طفلا، كانت أمه تعطيه كل صباح أجرة ركوب الحافلة بالضبط للذهاب إلى المدرسة والعودة منها. وفي ظهيرة أحد الأيام، اضطر كارستنز إلى قطع عدة كيلومترات مشيا على الأقدام عبر مدينة مكسيكو سيتي للوصول إلى المنزل لأن أجرة الحافلة ارتفعت خلال نهار ذلك اليوم. ويروي هذه الواقعة في إحدى المقابلات الشخصية قائلا "سألت أمي عما حدث فأجابت قائلة "إنه التضخم". وشعرت بالحيرة وقتها، وفكرت أنه سيكون من المثير أن أفهم هذا الأمر على نحو أفضل".

وكانت هذه الواقعة هي النواة الي أنبتت اقتصادي المكسيك الرائد وواحد من أكثر صناع السياسة نجاحا في هذا القرن. وعلى مدار حياة مهنية امتدت لأربعة عقود جمع كارستنز بين الدقة الفكرية والأكاديمية والروح العملية والمقدرة السياسية في سلسلة أدوار رائدة مارسها خلال عمله في صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي ووزارة المالية في المكسيك، وبنك التسويات الدولية.

وعن كارستنز، يقول سيدارث تيواري، المدير السابق في صندوق النقد الدولي "إن أوغستن يتمتع بشخصية تجمع بين الفضول الشديد والقوة الفكرية الهائلة وعقلية الشركات البادئة". وقد جمعته بكارستنز صداقة طويلة منذ أيام دراستهما في برنامج الدكتوراه بجامعة شيكاغو في ثمانينات القرن الماضي. وجدير بالذكر أن كارستنز لم يعمل قط في القطاع الخاص وصنع مسيرته المهنية من داخل هيكل البيروقراطية الصارم.

وخلال عمله في صندوق النقد الدولي، تحدى كارستنز العقيدة السائدة في ذلك الوقت بدعمه تقديم القروض لمنع وقوع الأزمات، وليس لمجرد حلها. وكوزير للمالية، قاد دفة المكسيك للخروج من الأزمة المالية العالمية. وكمحافظ البنك المركزي عزز مبدأ العمل متعدد الأطراف. وأثناء توليه منصب المدير العام في بنك التسويات الدولية أطلق مركز ابتكار بنك التسويات الدولية مشجعا نشر ثقافة الشركات البادئة داخل تلك المؤسسة شديدة التحفظ التي يبلغ عمرها 100 عام تقريبا. وفي الوقت نفسه، حفز البنك على التعمق في تفهم تطورات السياسة النقدية الأخيرة.

وفي نهاية شهر يونيو الجاري سينهي كارستنز فترة رئاسته لبنك البنوك المركزية الكائن في مدينة بازل السويسرية، ويمرر الشعلة إلى الإسباني بابلو هيرنانديز دي كوس. وبينما سيكون قد بلغ السابعة والستين من العمر فإنه لم يفصح عن خطوته التالية في الحياة.

من كرة البيسبول إلى الاقتصاد

وُلِد أوغستن غويرمو كارستنز كارستنز في مكسيكو سيتي في أسرة من الطبقة المتوسطة من أصول ألمانية. وفي سنوات شبابه، كان اهتمامه الوليد بعلم الاقتصاد ينافسه شغفه برياضة البيسبول، حيث كان راميا واعدا في دوريات البيسبول للناشئين.

وتفوق علم الاقتصاد في تلك المنافسة. وحصل كارستنز على موافقة بقبوله للدراسة بالمعهد التكنولوجي المستقل في المكسيك، الجامعة التي تقوم منذ زمن طويل بتأهيل صفوة الموظفين المدنيين في المكسيك. وبعد التخرج وقضاء فترة قصيرة من التدريب العملي في بنك المكسيك المركزي، حصل كارستنز على منحة من البنك لإيفاده إلى جامعة شيكاغو للالتحاق ببرنامج الدراسات العليا. واعتزم أن يركز بحثه على سوق سعر صرف البيزو المكسيكي.

وكان ذلك في عام 1982، وهو العام ذاته الذي خفضت فيه المكسيك قيمة البيزو ثلاث مرات وقامت بتأميم النظام المالي. وقبل مغادرته للمكسيك شهد كارستنز بنفسه اضطراب الأسواق المالية. فاحتياطيات المكسيك كانت آخذة في النضوب وكان البلد على وشك فرض ضوابط رأس المال، بمعنى أن لا أحد ولا حتى البنك المركزي كان متيقنا من إمكانية تزويده بالمدفوعات بصفة منتظمة. وقدم له رئيسه في العمل مبلغا نقديا قدره عشرة آلاف دولار كدفعة مقدمة للمنحة الدراسية. وعن ذلك الأمر، يقول كارستنز "استغرق الأمر ستة أشهر لتعود المدفوعات إلى الوضع الطبيعي".

وفي شيكاغو كان وقت كارستنز مشحونا. فقد أتم دراسته للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه في ثلاث سنوات لا غير. وكان المشرف على رسالته هو مايكل موسى، الذي شغل لاحقا منصب كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي. وفي تلك الفترة التقى كارستنز بكاثرين مانزل القادمة من تكساس لدراسة الماجستير وتزوج منها، وقد نشرت لاحقا كتابا عن النظام المالي في المكسيك أصبح من أكثر الكتب مبيعا، ثم كتبت قصة خيالية نُشرت تحت اسم سي. إم. مايو.

وبعد الانتهاء من دراسة الدكتوراه، عاد كارستنز مرة أخرى إلى البنك المركزي ليعمل وسيط تداول للعملات الأجنبية. وفي ظل استمرار الأزمة في المكسيك، كانت وظيفته تشمل متابعة أسعار الصرف، وحجم التداول، ومستويات الاحتياطي، وتحديث تلك البيانات على سبورة كل نصف ساعة. ويسترجع كارستنز تلك الفترة في كلمة ألقاها عام 2020، وقال "لكي نضمن اطلاع محافظ البنك على آخر التحديثات، كنا نضع كاميرا أمام السبورة متصلة بجهاز تلفاز في مكتب المحافظ بحيث يمكنه متابعة ما نقوم به من تحديثات في الوقت الحقيقي إلى حد ما".

وسرعان ما ترقى كارستنز إلى منصب مدير الخزانة، ثم رئيس قسم البحوث. وكان يشغل هذا المنصب عندما تكشف مأزق العملة التالي في المكسيك، أي أزمة التكيلا في عام 1994، التي اقتضت إنقاذا ماليا بقيمة 50 مليار دولار نظمته الولايات المتحدة.

وخلّفت هذه الأزمة وراءها كذلك مهمة غير مكتملة اضطلع كارستنز بمعالجتها بعد سبع سنوات. ففي عام 2001، تلقى كارستنز الدعوة من زميله خريج المعهد التكنولوجي المستقل في المكسيك فرانسيسكو جيل دياز، وزير المالية الجديد في حكومة الرئيس فيسينتي فوكس، ليشغل منصب نائب الوزير. ومن خلال هذا المنصب، دفع كارستنز بتطبيق قواعد تنظيمية بالغة الأهمية لتقوية أوضاع البنوك المتضررة من أزمة عام 1994.

إنهاء وصمة

في تلك الأثناء، بدأ كارستنز أولى فترات عمله في صندوق النقد الدولي، عضوا بالمجلس التنفيذي عن المكسيك وإسبانيا وأمريكا الوسطى في 1999. وفي وقت لاحق، بعد أن أمضى ثلاث سنوات نائبا لوزير المالية في المكسيك، عاد مرة أخرى إلى الصندوق بصفته أحد نواب المدير العام الثلاثة. ومن بين جملة إنجازاته، أعطى كارستنز دفعة لعمليات الصندوق لتنمية القدرات. وحول هذا الأمر يقول مستشاره السابق ألفريد كامر، الذي يشغل حاليا منصب مدير الإدارة الأوروبية: "كان لديه قدرة عظيمة على إقامة علاقة مع صناع السياسات بصفته شخصا كان في أغلب الأحيان يمر بنفس المشكلات".

وفي سياق إشرافه على أوضاع أكثر من 70 بلدا، حث كارستنز صندوق النقد الدولي على الخروج من نطاق الراحة الذي لا يتيح تقديم القروض إلا إذا وافقت البلدان المقترضة على شروط مالية واقتصادية. ودعا إلى مبدأ الإقراض الوقائي غير المشروط لمساعدة البلدان التي تتمتع بأساسيات اقتصادية قوية على تجنب أزمات ميزان المدفوعات التي تحفزها العوامل الخارجية.

غير أن كارستنز قال إن ذلك "كان بمثابة قفزة استغرقت فترة طويلة حتى قررت المؤسسة تأييدها". وحتى البلدان كانت تراودها الشكوك، نظرا لأن الاقتراض من الصندوق كان يعتبر إشارة على الضعف الاقتصادي.

وكان لا بد من مرور نصف عقد آخر ووقوع أزمة عالمية لكي يكتمل نضج هذه الفكرة. فقد كان كارستنز، أثناء توليه وظيفته التالية، هو الذي أنهى وصمة الاقتراض. ففي أواخر 2006، عندما أصبح فيليبي كالديرون رئيسا للمكسيك، كان كارستنز هو الاختيار الواضح ليشغل منصب وزير المالية. وبهذه الصفة، باشر تنفيذ عدة إصلاحات على مستوى المالية العامة وفاز بالموافقة على أربع موازنات فيدرالية في ظل حكومة أقلية.

وعن ذلك يقول أليخاندرو ويرنر، نائب وزير المالية في ذلك الوقت وأحد طلاب كارستنز السابقين: "لقد اتضح أنه سياسي بارع. فقد استطاع أن يمضي في تطبيق سياسة مالية متحفظة إلى حد بعيد مع الحفاظ على قدر كبير من التماسك السياسي".

وحث كارستنز على سن تشريعات جديدة لمعاشات التقاعد والعمل المصرفي إلى جانب الطاقة. وكان التحدي الأكبر أمامه هو وقاية المكسيك من آثار الأزمة المالية العالمية لعام 2008. وكان موقفة المالي المتحفظ هو ما حافظ على الوضع المالي الصحي في المكسيك عند وقوع الأزمة.

وقد أثمرت جهوده المبكرة بخصوص الإقراض الوقائي في شهر مارس 2009 عندما عمم صندوق النقد الدولي تطبيق "خط الائتمان المرن". وأصبح بإمكان البلدان التي سبق تأهلها بموجب أساسياتها الاقتصادية القوية - مثل المكسيك - الاستفادة الفورية من موارد الصندوق بدون أي شروط.

ووقعت المكسيك أو اتفاق بموجب خط الائتمان المرن بقيمة قدرها 47 مليار دولار. وفي ذلك الوقت كتب كارستنز في إحدى الصحف المكسيكية قائلا "كان صندوق النقد الدولي في السابق بمثابة طبيب غرفة الطوارئ الذي نادرا ما ينقل للمريض أنباء سارة. وبعد إصرار المكسيك وعدة بلدان ... سوف يضطلع الصندوق بدور أكثر فعالية في منع وقوع أزمات ميزان المدفوعات".

أثناء تولي كارستنز منصب المدير العام لبنك التسويات الدولية أطلق مركز ابتكار بنك التسويات الدولية مشجعا نشر ثقافة الشركات البادئة داخل تلك المؤسسة البالغة من العمر 100 عام تقريبا.
المتحدي

في عام 2010، أصبح كارستنز محافظ البنك المركزي المكسيكي، وهو المنصب الذي أفاده في بناء مكانته الدولية عن طريق دعم العمل متعدد الأطراف والسعي لتقوية شبكة الأمان المالي العالمية.

وقد أعلن كارستنز ترشحه لشغل منصب مدير عام صندوق النقد الدولي في أعقاب مغادرة الفرنسي دومينيك ستراوس-كان لهذا المنصب في 2011، ودخل السباق أمام الفرنسية كريستين لاغارد متحديا سيطرة أوروبا التقليدية على هذا المنصب الرفيع في الصندوق. وكانت تلك أكثر عملية اختيار تنافسية يشهدها الصندوق، حيث قام المجلس التنفيذي لأول مرة بوضع قائمة قصيرة من المرشحين المتنافسين ضمت كارستنز ولاغارد. وصرح كارستنز في ذلك الوقت قائلا: "إن التنمية المؤسسية في الصندوق تأخرت عن اللحاق بركب التطورات العالمية". ورغم أن لاغارد فازت بالمنصب بسهولة كافية، فقد استطاع كارستنز أن يعزز من صورته على المستوى العالمي.

وفي السنة التالية تولت المكسيك رئاسة مجموعة العشرين في خضم أزمة منطقة اليورو. وساعد كارستنز في حشد جهود كبرى اقتصادات الأسواق الصاعدة للعمل مجتمعة على توفير قرابة نصف تريليون دولار في هيئة موارد إضافية يمكن أن يستفيد منها الصندوق.

وفي عام 2015، تم اختيار كارستنز لرئاسة اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، وهي مجموعة مؤثرة معنية بتسيير السياسات وتتألف من وزراء ومحافظي البنوك المركزية من البلدان صاحبة أكبر حصص في الصندوق. وقد جعله هذا المنصب نوعا ما رئيسا على الدور الذي تمارسه لاغارد بوصفها رئيس المجلس التنفيذي.

ويقول تيواري، الذي كان فريقه في الصندوق يشرف على إعداد الوثائق الفنية لاجتماعات اللجنة، "إن وظيفة رئيس اللجنة هي تشجيع توافق الآراء ومشاركة أعضاء اللجنة على نحو بناء". وكان أداء كارستنز في اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية حاسما في حصوله في عام 2017 على التأييد اللازم ليصبح أول مدير عام لبنك التسويات الدولية من إحدى الأسواق الصاعدة.

مبتكر براغماتي

قد يبدو كارستنز لأول وهلة متشككا من التكنولوجيا. ففي كلمة ألقاها في 2018 أطلق على عملة بيتكوين الرقمية عبارة "مزيج يجمع بين الفقاعة ومخطط بونزي الاحتيالي والكارثة البيئية". ولكن سرعان ما تبدل هذا التصور. فخلال رحلة قام بها إلى آسيا في 2019، أبدى كارستنز إعجابه الشديد بمنظومات البيئة المالية المبتكرة في سنغافورة ومنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة مركزا على نظم مدفوعات التجزئة، والترميز الرقمي، والتمويل المفتوح. وكانت تلك فرصة سانحة لكي يستخدم عقليته التي تعمل بأسلوب الشركات البادئة استخداما فعالا.

وقال كارستنز، "إن التكنولوجيا تنتقل بسرعة كبيرة وتؤثر على كل البنوك المركزية في آن واحد. فمن خلال العمل معا يمكن تحقيق وفورات النطاق ووفورات الحجم. وبنك التسويات الدولية موجود من أجل تيسير التعاون بين البنوك المركزية، والتكنولوجيا مهيأة لخدمة هذا المنهج التعاوني".

وعيَّن كارستنز الاقتصادي الفرنسي بينوا كوري لرئاسة مركز الابتكار الجديد. وقد أشرف بينوا، بصفته عضوا في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، على عمليات المدفوعات كما شغل منصب رئيس لجنة المدفوعات والبنى التحتية للأسواق المالية التي يدعمها بنك التسويات الدولية، وجمع بين احترام البنوك المركزية والخبرة في مجالي التكنولوجيا والابتكار.

وقد سجل مركز الابتكار نموا سريعا، وأصبح يضم أكثر من 100 موظف و7 مراكز فرعية حول العالم في غضون خمس سنوات، بحيث ضم متخصصين في الاقتصاد الكلي ومهندسي البرمجيات، وخبراء تقنية بلوك تشين، وعلماء البيانات. وأجرى مركز ابتكار بنك التسويات الدولية حتى الآن 40 مشروعا لاختبار التكنولوجيات الجديدة، من الترميز الرقمي إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين التحليل الاقتصادي.

وتسير بعض هذه المشروعات حاليا نحو استخدامها في واقع الحياة اليومي. وقد أنشأ مشروع "نيكسوس" منصة نموذج أولي للربط بين النظم المحلية لمدفوعات التجزئة. وتعكف حكومات الهند وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلند على تطوير هذه المنصة للاستخدام التجاري بحلول عام 2027. وسوف تسمح لعدد 500 مليون شخص عبر البلدان الخمسة بإرسال واستلام الأموال بنفس السهولة التي يستخدم بها الأمريكيون خدمات مدفوعات Venmo أو نظام Pix للدفع الفوري الذي يستخدمه البرازيليون.

أما مشروع "آغورا" فيهدف إلى اختبار التكنولوجيات الجديدة، مثل الترميز الرقمي، في إطار النظام المالي القائم. وقد انضم إليه أكثر من 40 مؤسسة مالية وبنكا مركزيا رائدا - منها بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، وبنك إنجلترا المركزي، وبنك اليابان، وغيرها. ويقول بينوا كوري، الذي ترك منصبه في عام 2022، "إن المركز يمثل مشروعا تحويليا في عالم البنوك المركزية وسوف يتطلب بعض الوقت لكي يحقق المنافع ويغير الثقافة السائدة".

وفي الوقت نفسه، حث كارستنز بنك التسويات الدولية على القيام بدور أكبر في مجال عمله الرئيسي وهو السياسة النقدية. وكان التقرير الصادر في عام 2022 من بين أول التحذيرات بشأن التحول العالمي من التضخم المنخفض إلى المرتفع. وأثار كذلك التساؤل التالي "هل نشهد حاليا بوادر نهاية عصر العولمة الذي بزغ فيما بعد الحرب العالمية الثانية؟"

وفي كلمة ألقاها كارستنز في شهر فبراير، حلل دروس السياسة المستخلصة من التطورات الجغرافية-الاقتصادية الفريدة خلال الخمس سنوات الماضية، بما فيها الجائحة، وعودة ظهور التضخم، وغزو روسيا لأوكرانيا. وذهب إلى أن البنوك المركزية ركزت في بادئ الأمر أكثر مما ينبغي على مخاطر التضخم المنخفض أكثر من اللازم. وصرح لمجلة التمويل والتنمية بأنه أشار على البنوك المركزية "بتخفيض اعتمادها على الأدوات التي يتعذر ضبطها. فقد أتاح التيسير الكمي قدرا كبيرا من السيولة والتوسع ولكن كان من الصعب جدا السيطرة عليه". وقال إنه ينبغي كذلك استخدام الإرشادات الاستشرافية على فترات أكثر تباعدا، مشيرا إلى أنه "حتى تتمكن البنوك المركزية من نقل مشاعر عدم اليقين بصورة أفضل، ربما ينبغي لها زيادة الاعتماد على سيناريوهات الضغوط".

وبينما يقارن بعض الاقتصاديين التحديات الماثلة أمامنا حاليا بالاضطراب على جانب العرض بسبب زيادات أسعار النفط في السبعينات من القرن الماضي، فإن كارستنز يعتقد أن التحول أكثر عمقا؛ إذ يقول "إن ما نشهده اليوم هو تغير هيكلي في الاقتصاد العالمي وفي العلاقات بين البلدان".

أندرياس أدريانو هو من فريق العمل في مجلة التمويل والتنمية.

الآراء الواردة في هذه المقالات وغيرها من المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مؤلفيها، ولا تعكس بالضرورة سياسة صندوق النقد الدولي.